نظريات القراءة

سعت مؤلفة هذا الكتاب إلى إعادة النظر في نظريات القراءة في ضوء مفهوم محوري وهو جسدانية القراءة. فالنظرية الأدبية والجهود المبذولة لفهم القراءة كافة، على ما بينها من اختلافات قد جعلت من القارئ ذاتاً عاقلة ومفكّرة، وليست ذاتاً لديها شغفها الحسّي والعاطفي. كما رصدت جذور هذا التعارض بين الجسد (كمعبّر عن المشاعر والعواطف) والعقل الموضوعي المتأمّل في حقول الاهتمام بالقراءة والنص الأدبي كلّها. لقد قامت بذلك بالتأصيل للمخاوف التي انتابت المفكّرين في بدايات بزوغ ثقافة الطباعة من فعل القراءة نفسه كونه فعلاً للتعبير عن المشاعر المتدفّقة والهواجس والتماهي الممكن بين القارئ ومحتوى الكتاب. ‏ ‏ هذه المخاوف ظلّت قائمة مع كلِّ تقنية جديدة تنقل القارئ من عالم لآخر، من عالم ثقافة المطبعة، إلى ثقافة الشاشة، حتَّى ثقافة العالم الافتراضي التي تخترق الحدّ المحظور بين الجسد والنص. لا تكتفي المؤلفة بإلقاء الضوء على دور الجسد في فعل القراءة والتجاهل الذي مني به على مرِّ تاريخ النقد الأدبي والثقافي وتاريخ الثقافة الغربية الكلاسيكية والحديثة، لكنّها تبرز أيضاً ذكورية هذا المنحى بعدِّ أنَّ كلَّ ما هو عقلاني من فعل الذكر، وأنَّ كل ما هو طبيعي وحسّي هو أنثوي.